نجمات زمان والصحافة العالمية

كانت نجمات الزمن الجميل يتمتعن بلباقة وثقافة واسعة وكانت الصحف الأوربية والأمريكية تهتم اهتمامًا كبيرًا بما حدث في مصر بعد قيام ثورة يوليو من تغييرات سواء سياسية أو فنية، ولذلك كان مندوبو هذه الصحف يأتون إلى مصر لنقل صورة ما حدث فيها من تغيرات إلى صحفهم، وحرص الكثيرون منهم على زيارة نجوم الفن والتحدث معهم عن أحوال الفن فى ظل التغيرات التي تشهدها البلاد وذات مرة زار مندوبو إحدى الصحف الألمانية عددًا من نجمات الفن في منازلهن وكان من بين هؤلاء النجمات سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة التي استقبلت زيارة من صحفي ألمانى اسمه فيدلير مع زوجته الصحفية التي كانت تعمل بنفس الصحيفة ومعهما مندوب إحدى المجلات المصرية واللذان قاما بزيارة بعدد من نجمات الفن المصري وقتها وفى نهاية اللقاء طلب الصحفي الألماني من فاتن حمامة أن تمثل مشهدًا أمامهم، فارتبكت قليلاً، وهنا قال لها الصحفي ضاحكًا: "يبدو أنك تخافين من زوجتي"، والتفتت إليها الزوجة متسائلة: "وهل أنا أخيفك فعلاً"، فأجابت فاتن: "لا طبعًا لكن التمثيل يحتاج أحاسيس وانفعالات ومشاعر"، وقالت الزوجة: "عليكى بزوجي لقد أراد أن يحرمني من زيارتك ويحضر وحده رغم إلحاحي عليه" وهنا استحضرت فاتن حمامة قوتها التمثيلية، وظهرت عليها ملامح الغضب وانتفضت واقفة وهجمت على الزوج الصحفي وكأنها تريد أن تغرس أظافرها في عنقه، وانتفضت الزوجة مفزوعة وهى تصيح: "زوجي، زوجي"، فضحكت فاتن وأسدلت الستار عن هذا المشهد التمثيلي، وتعجب الصحفيان من قدرة سيدة الشاشة العربية على التقمص والتحول في لحظات.

كما زارا الزوجين الفنانة مديحة يسرى وقتها متزوجة من الفنان والموسيقار المبدع محمد فوزى الذى استقبل الصحفيون واصطحبهم إلى غرفة الرسم الخاصة بزوجته، حيث كانت سمراء النيل تهوى الرسم طوال حياتها، ونهضت الفنانة الكبيرة التي كانت عكفت على رسم لوحة لفتاة تشبه شقيقتها الصغرى، ولكن الصحفى طلب منها ان تبقى في مكانها حتى يسجل هذه اللقطة بالكاميرا، وبعدها سألها أين تعلمت فن الرسم؟ ونوع الرسم الذى تحبه فأجابت بأنها تفضل رسم الأشخاص والمناظر الطبيعية وخاصة الزهور تحدثت النجمة الجميلة عن بداية عملها في السينما عام 1942 عندما ظهرت لأول مرة في فيلم مع محمد عبد الوهاب في دور صغير أثناء غنائه أغنية بلاش تبوسنى في عينيَّ، عندما تم تصوير عينيها مع الأغنية، فاكتشف المخرجون أن لعينيها قدرة تعبيرية كبيرة فاستعانوا بها في الأفلام وتوالت عليها الأدوار وأكدت مديحة يسرى أنها تفضل تمثيل الروايات الرومانسية والعاطفية لأنها تجيد التعبير عنها وفى نهاية اللقاء سأل الصحفي الألماني سمراء النيل عن عمرها، فأجابت ضاحكة: اسأل فوزى وقال فوزى على الفور: "أنا شخصيا ما حاولتش أسألها السؤال ده قبل كده"، وهنا انفعلت سمراء النيل وقالت: "ليه أنت فاكرنى عجوزة، ياسيدى أنا عمرى 29 سنة".

كما زارا أيضا الفنانة تحية كاريوكا وقال الصحفي إنها أرشق قوام رآه فى حياته، ورحبت تحية بضيوفها وتحدثت معهم بالإنجليزية بطلاقة، وأجابت عن كل أسئلتهم بذكاء ولباقة وخفة ظل كبيرة، وسألها الصحفي: هل يمكن أن يكون الرقص الشرقي رقصًا عالميًّا؟ فأجابت كاريوكا بأنها لا ترى هذا ممكنًا لأن مشاعر الأوروبيين وغيرهم تختلف عن مشاعر المصريين وأهل الشرق، مفسرة ذلك بأن الرقص الغربى عبارة عن حركات ثنائية يمكن حصرها، أما الرقص الشرقى فهو حركات مفردة تعبيرية لا يمكن حصرها، موضحة أن الموسيقى التي تصاحبه تختلف في كلا النوعين وفى نهاية اللقاء طلب الصحفي الألماني من تحية كاريوكا أن تقوم أمامهم برقصة شرقية لتسجيلها، فقامت تحية وهى تقول: "أظنكم تميلون للرقص الفرعونى"، ثم بدأت ترقص رقصات تشبه حركات الفراعنة ورقصاتهم المنقوشة على جدران المعابد، وهو ما أذهل الصحفيون الأجانب وأثار إعجابهم.